1 - هُنَا الْحَضَارَةُ وَالتَّارِيخُ وَالْعَجَبُ
يَا
سَائِلًا مَنْ أَنَا؟ مَهْلًا أَنَا حَلَبُ
2 - أَنَا الَّتِي شَابَ فِي تَكْوِينِهَا بَشَرٌ
وَمِنْ
جَبِينِي تُضِيءُ الشَّمْسُ وَالشُّهُبُ
3 - صَاغَ الْإِلَهُ جَمَالِي آيَةً ،. عَلَمًا
مَدَى
الزَّمَانِ تُرَاثًا لَيْسَ يَحْتَجِبُ
4 - فَفِي ثَرَايَ مُلُوكٌ قَدْ ثَوَوْا وَبَنَوْا
صُرُوحَ
عِزٍّ،. حِمَى الْجَوْزَاءِ تَغْتَصِبُ
5 - خُيُولُ آشُورَ وَالْحِثِّيِّ عَابِرَةٌ
وَكُلُّ
مَنْ مَرَّ مِنِّي الْفَخْرَ يَكْتَسِبُ
6 - وَقَلْعَتِي شَاهِدٌ لَمْ يَمْحِهِ زَمَنٌ
صَوْتُ
الْأَذَانِ بِهَا مَا مَرَّتِ الْحِقَبُ
7 - أَبْرَاجُهَا فَوْقَ هَامِ الْمَجْدِ رَاسِخَةٌ
لَهَا
انْحَنَى الدَّهْرُ حَتَّى كَادَ يَنْحَدِبُ
8 - هُنَا ابْنُ حَمْدَانَ قَدْ أَغْنَى مَجَالِسَهَا
بِهِ
تَبَاهَى الْقَرِيضُ الْفَذُّ وَالنُّخَبُ
9 - أَنَا الَّتِي أَطْرَبَ الدُّنْيَا
مُوَشَّحُهَا
وَبِالْقُدُودِ الَّتِي يُشْفَى بِهَا التَّعَبُ
10 - صَبَاحُ فَخْرِيْ عَلَى الدُّنْيَا
يُرَدِّدُهَا
فَيَنْتَشِي السَّمْعُ وَالْوِجْدَانُ وَالطَّرَبُ
11 - لِمَطْبَخِي نَكْهَةٌ مُثْلَى إِذَا ذُكِرَتْ
فِيهِ الْأَطَايِبُ وَالتَّنْوِيعُ وَالْكُبَبُ
12 - أَبْوَابِيَ السَّبْعَةُ الْغَرَّاءُ
شَامِخَةٌ
فَكُلُّ بَابٍ لَهُ، تَارِيخُهُ الْخَضِبُ
13 - لِلنَّصْرِ بَابٌ، يَدُ الْأَحْرَارِ
تَفْتَحُهُ
حَتَّى يَعُودَ لَهَا أَبْنَاؤُهَا النُّجُبُ
14 - بَابُ الْحَدِيدِ وَقِنَّسْرِينَ قَدْ شَهِدَا
كَيْفَ
الْفُلُولُ بِجُنْحِ اللَّيْلِ قَدْ هَرَبُوا
15 - سُوقُ الْمَدِينَةِ إِعْجَازٌ بِهَنْدَسَةٍ
كَيْفَ اسْتَقَرَّتْ بِهِ الْأَقْوَاسُ وَالْقُبَبُ
16 - فِيهِ الصَّنَائِعُ وَالْإِبْدَاعُ فِي حِرَفٍ
فِيهِ الْبَضَائِعُ وَالْأَلْمَاسُ وَالذَّهَبُ
17 - هُنَا الْجَمَالُ لَهُ فِي أَهْلِهَا نَسَبُ
وَفِي
الْخُدُورِ بِهَا يُسْتَوْطَنُ الْحَسَبُ
18 - إِذَا مَشَتْ، خِلْتَ غُصْنَ الْبَانِ
مُنْعَطِفًا
وَالشَّمْسُ مِنْ وَجْهِهَا الْوَضَّاءِ تَنْتَقِبُ
19 - بِكُلِّ خَطْوٍ يَسِيرُ الْحُسْنُ مُحْتَشِمًا
فَلَا جُنُوحٌ.. وَلَا مَيْلٌ.. وَلَا صَخَبُ
20 - وَرِقَّةٌ فِي حَدِيثٍ إِنْ هَمَسْنَ بِهِ
تَكَادُ مِنْ لُطْفِهِ الْأَحْجَارُ تَنْتَحِبُ
21 - إِنْ قُلْتَ شَهْبَاءَ.. قَالَ الْحُسْنُ فِي
ثِقَةٍ
نِسَاؤُهَا الْحُسْنُ.. وَالْأَخْلَاقُ.. وَالْأَدَبُ
22 - وَفِي الرِّجَالِ شُمُوخُ الطَّوْدِ إِنْ
وَقَفُوا
وَهِمَّةٌ دُونَهَا الْأَفْلَاكُ تَضْطَرِبُ
23 - هُمْ أَهْلُ جُودٍ.. فَبَابُ الْبَيْتِ
مُنْفَتِحٌ
وَلِلضُّيُوفِ مَسَاءً تُفْرَشُ الْهُدُبُ
24 - بِكَفِّهِمْ كَرَمٌ، كَالْغَيْثِ إِنْ
هَطَلَتْ
فَيَنْضَجُ التِّينُ وَالتُّفَّاحُ وَالْعِنَبُ
25 - وَفِي الشَّهَامَةِ لَا تَسْأَلْ.. فَهُمْ
أَبَدًا
أَهْلٌ لَهَا وَبِهَا قَدْ خَصَّهُمْ لَقَبُ
26 - إِذَا اسْتَغَاثَ بِهِمْ مَنْ مَسَّهُ، ضَرَرٌ
قَامُوا لِنُصْرَتِهِ.. فِي الْحَالِ وَاحْتَسَبُوا
27 - ثَقَافَةُ الْفِكْرِ فِي أَعْمَاقِهِمْ
نُقِشَتْ
لِمَجْلِسٍ مِنْهُمُ لِلْعِلْمِ تَنْجَذِبُ
28 - أَبْنَاءُ عِزٍّ.. وَأَهْلُ الرَّأْيِ إِنْ
عَظُمت
خُطُوبُ دَهْرٍ.. فَهُمْ لِلْحَلِّ قَدْ غَلَبُوا
29 - إِنِّي الْعَقِيدَةُ.. وَالْإِصْرَارُ فِي
بَلَدِي
شَعْبِي عَظِيمٌ.. أَبِيٌّ.. صَابِرٌ.. حَزِبُ
30 - كَمْ قَاتَلَتْنِي جُيُوشُ الظُّلْمِ
قَاطِبَةً
وَكَمْ تَكَسَّرَ فِي أَعْتَابِيَ اللَّهَبُ
31 - لَقَدْ تَكَالَبَ أَهْلُ الْبَغْيِ
وَاجْتَمَعُوا
الْفُرْسُ وَالزُّطُّ وَالرُّومَانُ وَالذَّنَبُ
32 - لَكِنْ سُيُوفُ بَنِي الْأَحْرَارِ
تَحْرُسُنِي
فَالشَّمْسُ تَخْشَعُ إِنْ يَوْمًا هُمُ غَضِبُوا
33 - كَمْ نَكْبَةٍ عَبَرَتْ.. كَمْ مِحْنَةٍ
كَسَرَتْ
ظَهْرَ الْجِبَالِ وَلَمْ تُلْوَ لِيَ الرُّكَبُ
34 - أَظَلُّ شَامِخَةً.. وَالنُّورُ يَعْمُرُنِي
يَأْتِي الصَّبَاحُ.. وَلَيْلُ الْحُزْنِ يَنْسَحِبُ
35 - أَنَا دِمَشْقُ.. وَبَغْدَادُ الشُّمُوخِ
أَنَا
إِنْ
فَرَّقُونَا.. فَفِي الْأَرْوَاحِ نَقْتَرِبُ
36 - سَأَرْجِعُ الْفَجْرَ مَهْمَا طَالَ بِي
ظُلَمٌ
وَتُشْرِقُ الشَّمْسُ.. وَالْأَحْزَانُ تُسْتَلَبُ
37 - فَاكْتُبْ. مِنَ الشِّعْرِ مَا تَرْضَاهُ يَا
قَلَمِي
عَنِ
الَّتِي حُبُّهَا فِي الْقَلْبِ يَنْتَصِبُ
38 - فَكُلُّ حَرْفٍ بِغَيْرِ الْحَاءِ مُنْتَقَصٌ
وَكُلُّ شِعْرٍ بِغَيْرِ الْبَاءِ مُجْتَنَبُ
39 - أَنَا ابْنَةُ الْمَجْدِ،. وَالْعَلْيَاءُ
مِنْ نَسَبِي
فَمَنْ كَمِثْلِي لِهَذَا الْمَجْدِ يَنْتَسِبُ
------
عبدالناصر عليوي العبيدي